وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ، وَفِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْمُتْلَفِ. وَزِدْت أُخْرَى: يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ: حَلَّفْتهَا، لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى
١٠٣ - النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ، وَالْحُدُودِ، وَالدِّيَةِ
إذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ. هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ فِي النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَبَرِ عَدْلَيْنِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْمَوْتِ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْمَوْتَ كَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْوَقْفِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي إخْبَارِ وَاحِدٍ الشَّاهِدَ بِأَنَّ مَكَانَ كَذَا وَقْفٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْوَقْفِ. وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ. وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إذَا شَهِدَ بِالْوَقْفِ كَفَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ لِثُبُوتِ الْوَقْفِ مِنْ شَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ أَوْ ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ كَمَا عُرِفَ فِي مَبَاحِثِ الشَّهَادَةِ.
(١٠٣) قَوْلُهُ: النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ فِيهَا، بَلْ يَسْأَلُ؛ وَهَذَا إذَا طَعَنَ الْخَصْمُ بِالرِّقِّ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْعَنْ فَلَا يَسْأَلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَتَفْسِيرُهُ فِي الشَّهَادَةِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُمَا عَبْدَانِ، وَإِنِّي لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُمَا حُرَّانِ.
وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِّ إذَا قَذَفَ إنْسَانًا ثُمَّ زَعَمَ الْقَاذِفُ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فَإِنَّهُ لَا يَحُدُّ الْقَاذِفَ حَتَّى يُثْبِتَ الْمَقْذُوفُ حُرِّيَّتَهُ بِالْحُجَّةِ، وَفِي الْقِصَاصِ إذَا قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ، وَزَعَمَ الْقَاطِعُ أَنَّ الْمَقْطُوعَ يَدَهُ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ حَتَّى يُثْبِتَ حُرِّيَّتَهُ. وَفِي الدِّيَةِ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً، وَزَعَمَتْ الْعَاقِلَةُ أَنَّهُ عَبْدٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرِّيَّةِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، أَمَّا؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ الْحُرِّيَّةِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ آدَمَ وَحَوَّاءَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -، وَقَدْ كَانَا حُرَّيْنِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ يُدْفَعُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute