للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي سَيْرِ الْخَانِيَّةِ. ١٠٥ - وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

الِاسْتِحْقَاقُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لَهُ. إذَا عَرَفْت هَذَا فَنَقُولُ: فِي الشَّهَادَةِ: إثْبَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ الظَّاهِرُ الْحُرِّيَّةُ لَا يَكْفِي لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي الْقَذْفِ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ.

وَفِي الْقِصَاصِ إيجَابُ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْقَاطِعِ، وَفِي الدِّيَةِ إيجَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ فَمَا لَمْ تَثْبُتْ الْحُرِّيَّةُ بِالْحُجَّةِ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ: نَحْنُ أَحْرَارٌ لَمْ نُمْلَكْ قَطُّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا حَتَّى يَأْتِيَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فَأَمَّا فِي قَوْلِهِمَا إنَّا أَحْرَارٌ؛ يُصَدَّقَانِ فِي قَوْلِهِمَا بِطَرِيقِ الظَّاهِرِ، وَلَكِنْ لَا يُقْضَى بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّتِهِمَا.

وَإِنْ سَأَلَ الْقَاضِي عَنْهُمَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُمَا حُرَّانِ فَقَبِلَ ذَلِكَ، وَأَجَازَ شَهَادَتَهُمَا كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا تَعْمَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَالَةِ فَكَمَا أَنَّ الْعَدَالَةَ تَصِيرُ مَعْلُومَةً عِنْدَ الْقَاضِي بِهَذَا الطَّرِيقِ فَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ. كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلسَّرَخْسِيِّ. وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْعَبَّادِيُّ هَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الرُّشْدُ أَوْ السَّفَهُ؟ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْفَقْرُ أَوْ الْغِنَى؟ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْأَمَانَةُ أَوْ الْخِيَانَةُ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْجَرْحُ أَوْ التَّعْدِيلُ؟ فَأَجَابَ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الرُّشْدُ وَالْفَقْرُ وَالْأَمَانَةُ وَالْعَدَالَةُ وَإِنَّمَا عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُجَّةِ، وَهِيَ شَهَادَةُ الْعُدُولِ، فَيَتَعَرَّفُ عَنْ الْعَدَالَةِ وَفِيهِ صَوْنُ قَضَائِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (انْتَهَى) .

وَفِي قَوْلِهِ فِيهِ صَوْنُ قَضَائِهِ الْبُطْلَانِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ

(١٠٤) قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ إلَخْ. فِيهِ: أَنَّ الْخَطَأَ لَا تَعَمُّدَ فِيهِ، وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ تَعَمَّدَ الْجَوْرَ.

(١٠٥) قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ. أَيْ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَعِبَارَتُهَا: الْقَاضِي إذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْقَضَاءِ إنْ كَانَ الَّذِي قَضَاهُ خَطَأً لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَمْضَاهُ. وَفِي الْمُسْتَقِلِّ: وَيَقْضِي بِاَلَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ نَصٌّ بِخِلَافِ قَضَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، إنْ كَانَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>