للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَبَرْهَنَ، يُقْبَلُ

١١٠ - وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا، تُسْمَعُ. كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. ١١١ - وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا إلَخْ. قِيلَ: هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى عَيْنًا، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ رِبْحًا مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الرَّابِعِ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالصُّلْحِ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ إرْثًا عَلَى أَبِيهِ، إنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ مَثَلًا قَبْلَ الْإِبْرَاءِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ يَصِحُّ. إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لِكَوْنِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعْوَى لَا عَنْ الْمَالِ فَقَطْ

(١١٠) قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ إلَخْ. فِيهِ: أَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِإِبْرَاءِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِمَجْهُولٍ، حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ مُعَيَّنًا، وَالْإِقْرَارُ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ فَلَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضُ بِهِ الدَّعْوَى. وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَظَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ، وَجَعَلَهَا غَيْرَ مَانِعَةٍ لِلْوَارِثِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَصِيِّ بَعْدَ صُدُورِهَا عَامَّةً، وَسَاقَ مَسَائِلَ أُخَرَ ظَنَّهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ. وَقَدْ حَرَّرْت الْحُكْمَ وَبَيَّنْت أَنَّهَا لَيْسَتْ كَمَا ظَنَّهُ، وَأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ شَيْءٌ فَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ الدَّعْوَى بِمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَوْضَحْته بِرِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا تَنْقِيحَ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْعَامِّ. وَصُورَةُ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ أَنْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٌ بَرِيءٌ مِنْ حَقِّي، أَوْ لَا دَعْوَى لِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ لَا خُصُومَةَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا خُصُومَةَ لِي قِبَلَهُ أَوْ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا دَعْوَى لِي قِبَلَهُ أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْ حَقِّي أَوْ أَبْرَأْتُك مِمَّا لِي عَلَيْك (انْتَهَى) .

أَقُولُ فِيهِ إنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إبْرَاءً عَامًّا فَهُوَ إقْرَارٌ عَامٌّ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُنَاقَضَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِيمَا ذُكِرَ لِمَجْهُولٍ حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ مُعَيَّنًا بِالْإِقْرَارِ، وَالْإِقْرَارُ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ.

(١١١) قَوْلُهُ: وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ. أَيْ بَحَثَ فِيمَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>