للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَمْنَعُهَا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ادَّعَى ١٢٢ - بِمَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ

وَقَوْلُ قَاضِي خَانْ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِيمَا ادَّعَى، يُقْبَلُ (انْتَهَى) .

يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ إقْرَارَهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ مُبْطِلٌ، وَلَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّنَاقُضِ. كَفَلَ عَنْهُ بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَدَّعِيه فَبَرْهَنَ الْكَفِيلُ عَلَى إقْرَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَهُوَ يَجْحَدُ أَنَّهُ قِمَارٌ أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي بِرِبًا. وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهَا تُسْمَعُ عِنْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى، وَقَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ هُنَا لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهَا (انْتَهَى) .

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَتَأَتَّى فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ، وَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُبْهَمِ تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَيَتَّضِحُ الْجَوَابُ لِلْمُتَأَمِّلِ الْفَطِنِ (انْتَهَى) .

وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى إلَّا بِحَقٍّ حَادِثٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مُطْلَقًا بَعْدُ، أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الرَّابِعَةَ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَهُ فِيمَا مَضَى، وَقَدْ نَفَاهُ بِقَوْلِهِ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَلَا سَبِيلَ لِقَبُولِهِ

(١٢١) قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُهَا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ. فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ. اشْتَرَى مِلْكًا وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا بَرَاءَةٌ عَنْ الْخُصُومَاتِ كُلِّهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ (انْتَهَى) .

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ.

(١٢٢) قَوْلُهُ: بِمَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ. قِيلَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ ادَّعَى إقْرَارًا مِنْ إبْرَائِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْإِقْرَارِ صَحِيحٌ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالْبُطْلَانِ (انْتَهَى) .

وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَائِلَ أَقَرَّ لَفْظَةَ يَبْطُلُ مُضَارِعُ بَطَلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُبْطِلُ مُضَارِعُ أَبْطَلَ وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ مَا أَوْرَدَهُ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي إنَّمَا ادَّعَى بِمَا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>