إرْسَالُ الْقَاضِي إلَى الْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ.
٢٧٠ - لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى، وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُحْضِرْهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إرْسَالُ الْقَاضِي إلَى الْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ. أَيْ إرْسَالُ الْقَاضِي أَمِينًا لِلْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ إذَا لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ عَنْهَا جَائِزٌ. وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ، وَهُوَ " إرْسَالُ " مَحْذُوفٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ قَرِينَةٌ. وَالْمُخَدَّرَةُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ وَهِيَ الَّتِي لَا تَكُونُ بَرْزَةً بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يَرَاهَا غَيْرُ الْمَحْرَمِ مِنْ الرِّجَالِ أَمَّا الَّتِي جَلَسَتْ عَلَى الْمِنَصَّةِ فَرَآهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ كَمَا هُوَ عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَكُون مُخَدَّرَةً
(٢٧٠) قَوْلُهُ: لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ: الصَّبِيُّ التَّاجِرُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ يُسْتَحْلَفُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَبِهِ يَأْخُذُ وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ: يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ، وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ. وَفِي الْمُنْيَةِ: الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ الْمَأْذُونُ لَهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: صَبِيٌّ مَأْذُونٌ بَاعَ شَيْئًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ حَلَفَ وَهُوَ صَبِيٌّ ثُمَّ أَدْرَكَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ كَالنَّصْرَانِيِّ إذَا حَلَفَ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ. فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا ادَّعَى عَلَى الصَّبِيِّ دَيْنًا، وَأَنْكَرَ الْغُلَامُ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ نَكِلَ يَقْضِي بِالدَّيْنِ، وَلُزُومُهُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرِ. وَفِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لَا يَكُونُ لَهُ إحْضَارُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَنَكَلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ كَانَ لَهُ إحْضَارُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِأَفْعَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْخُوذًا بِأَقْوَالِهِ، وَالشُّهُودُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَيَحْضُرُ، لَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ بِنَفْسِهِ لَا يَلِي شَيْئًا فَيُحْضَرُ الْأَبُ حَتَّى إذَا أَلْزَمَهُ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute