للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا.

فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي أَنَّهُ يَبْرَأُ.

وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الزَّنْجَانِيُّ: الْإِبْرَاءُ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ.

وَقَالَ: بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ الْحَكَمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْت عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَقَرُبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ، فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِي عَنْهُ فَعَرَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ، فَأَجَابَ أَنَّهُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي.

وَلَمْ أَمْحُهُ.

وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي غِنَاءِ الْفُقَهَاءِ، مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: جُمْلَةُ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ، فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ لِرَدِّ مِثْلِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَ، وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ الرِّبَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةٌ نُقِضَ عَقْدُ الرِّبَا، لِيَجِبَ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، ٢٩٥ - وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا، إنْ كَانَ قَائِمًا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا إنْ كَانَ قَائِمًا: لَا رَدُّ ضَمَانِهِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ تَعَلَّقَ بِسَبَبِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ رَدُّ ضَمَانِهِ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَحَقُّ الشَّرْعِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ يَنْقُضُ الْعَقْدَ السَّابِقَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شَرْعًا؛ وَإِبْرَاءُ الْعَبْدِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا شَكَّ فِي بَرَاءَتِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا عَمَلَ لِإِبْرَائِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ.

وَقَدْ تَعَذَّرَ بِعَدَمِ التَّصَوُّرِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>