لَا رَدُّ ضَمَانِهِ (انْتَهَى)
٢٩٧ - وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ الْأُولَى بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْبَعْضَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا فُعِلَ مُوَاطَأَةً وَحِيلَةً تُقْبَلُ.
لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ إلَّا بِرِضَاءِ خَصْمِهِ ٢٩٨ - إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَوْ أُحْضِرَ الدَّيْنُ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ
تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصْلَحَةِ؛ فَمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْهَلَاكِ، وَكَلَامُ رُكْنِ الدِّينِ مَفْرُوضٌ فِيهِ، أَلَا تَرَاهُ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ.
وَمَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ ضَمَانُهُ قَابِلٌ لِلْإِبْرَاءِ.
قَالُوا: يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الضَّمَانَ الثَّابِتَ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الذِّمَّةِ يَقَعُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ، وَأَمَّا حَقُّ الشَّرْعِ فَلِصَاحِبِهِ لَا دَخَلَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ بِإِبْرَائِهِ. تَأَمَّلْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَرَقَةِ بِسَبْعِ وَرَقَاتٍ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى.
كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الرِّبَا لَا يَصِحُّ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ (انْتَهَى) .
(٢٩٦) قَوْلُهُ:
لَا رَدُّ ضَمَانِهِ.
يَعْنِي حَقًّا لِلشَّرْعِ، وَأَمَّا رَدُّهُ حَقًّا لِلْعَبْدِ فَوَاجِبٌ.
(٢٩٧) قَوْلُهُ:
وَقَدْ أَفْتَيْت آخِذًا مِنْ الْأُولَى.
الْمُرَادُ بِهَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ بَعْضَ الْمُقَرِّ بِهِ رِبًا تُقْبَلُ.
لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِأَنَّ الْبَعْضَ رِبًا شَهَادَةٌ بِأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّبَا شَهَادَةُ إثْبَاتٍ، وَالشَّهَادَةَ بِأَنْ لَا حَقِيقَةَ لَهُ شَهَادَةُ نَفْيٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ كَمَا فِي الْمُغَايَرَةِ.
قِيلَ: هَذَا الْأَخْذُ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ وَالتَّحْلِيفِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ كَاذِبًا
(٢٩٨) قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ.
يَعْنِي بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنْ يَقُولَا: إنَّ حَالُ الْمُعْسِرِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَقَدْ اخْتَبَرْنَاهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
وَفِي الصُّغْرَى: وَالْوَاحِدُ الْعَدْلُ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ لَا إنْ كَانَ حَالَ مُنَازَعَةٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَطَلَبَ الطَّالِبُ الْبَيَانَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ