للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ

٣١٤ - تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: فِيمَا إذَا شَهِدَ نَصْرَانِيٌّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ.

قِيلَ: هُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَجْهُ الْقَوْلِ حِينَئِذٍ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ.

فَإِنَّ إذْنَ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ سَبَبُ نُفُوذِهِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ صِحَّةُ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ الزَّوْجَ بِالْمَهْرِ، إذْ هُوَ حَقُّهُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ دَفْعُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ بِالدَّفْعِ إلَيْهَا وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ مَا لَا يَخْفَى، فَتَنْتِفِي التُّهْمَةُ بِذَلِكَ.

وَرُبَّمَا يُقَالُ: التُّهْمَةُ مُنْتَفِيَةٌ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ: أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ.

وَلِلسَّيِّدِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ غَايَةُ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجِ، فَقَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِهَذَا الْوَجْهِ؛ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ عَدَمُ قَبُولِهَا.

وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الْمَفْهُومَ مُعْتَبَرٌ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ

(٣١٤) قَوْلُهُ:

تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَى قَوْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ فِيمَا إذَا شَهِدَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَا شَهَادَةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ. (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَبُولِ فِي الذِّمِّيَّةِ أَيْضًا، وَقَدْ فَرَّقَ فِي الْوَافِي بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الذِّمِّيِّ بِخِلَافِهَا وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ عَدَمَ قَبُولِهَا وَهُوَ مَيِّتٌ، وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَبُولِ الْقَتْلُ بَلْ تُقْبَلُ لِلْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا تُقْبَلُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ.

كَمَا هُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ.

فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَا تُقْبَلُ فَلَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ، وَلِأَنَّهُ فَرْقٌ بِالْحُكْمِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ، وَوَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الذِّمِّيِّ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَيْ مَسْأَلَةِ الذِّمِّيِّ وَمَسْأَلَةِ الذِّمِّيَّةِ وَفِي شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَيْنِ وَشَهَادَةِ الذِّمِّيَّيْنِ خِلَافٌ فَرَاجِعْهُ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ الْقَبُولِ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَلِذَا رَدَّ أَيْضًا شَهَادَةَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَيْنِ، وَقَالَ: لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَزِمَ الْقَتْلُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِقَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْقَتْلِ فَيَتَّجِهُ الْفَرْقُ، لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>