للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ فَلَهُ مِثْلُهَا لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَالْبَائِعُ بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي إقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ؛ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ.

وَمِنْهُ مَا فِي الْجَامِعِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةً فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ عَلَى الْكَفِيلِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

تَصَادَقَا عَلَى كَوْنِهَا مَضْمُونَةً عَلَى التَّقَابُضِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا بِعَيْنِهَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَمْلِكُ الْقَرْضَ بِنَفْسِ الْقَرْضِ عِنْدَهُمَا، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ مِثْلَهُ مَعَ قِيَامِهِ فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ وَهُوَ قَبْلَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُقْرِضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ.

وَبَيَانُ الْبِنَاءِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَاضِ لَمْ يَصِرْ مُقِرًّا لَهُ بِمِلْكِ الْعَيْنِ عِنْدَهُمَا بَلْ فِي ذِمَّتِهِ بِأَلْفٍ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقِرِّ أَخْذُهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَارَ بِالتَّصْدِيقِ مُقِرًّا لَهُ بِالْعَيْنِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا

(٢٩) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ إلَخْ.

بِأَنْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذِهِ الْأَلْفُ بِعَيْنِهَا غَصَبْتهَا مِنْك، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَمْ تَغْصِبْ مِنِّي شَيْئًا لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْغَصْبَ جَمِيعًا فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ مِثْلَهَا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى ثُبُوتِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي ذَكَاتِهِ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مُشَارٍ إلَيْهَا لَكِنَّهُ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِتَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ إيَّاهُ فِي الْغَصْبِ وَالْغَاصِبُ مَتَى عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي ذِمَّتِهِ فَتَقَرَّرَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ فَيَقْضِي بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيُبْطِلُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ أَيْ لِوُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ بِالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ وَالْعَجْزِ بِالتَّكْذِيبِ وَفِي الْعِبَارَةِ مِنْ الْإِجْحَافِ مَا لَا يَخْفَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>