لَهُ صَحَّ وَصَارَ عَبْدَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَأَكُّدِ حُرِّيَّتِهِ بِالْقَضَاءِ، أَمَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَدٍّ كَامِلٍ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ فَأَحْكَامُهُ بَعْدَهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ، وَفِي الْمُنْتَقَى؛ يُصَدَّقُ إلَّا فِي خَمْسَةٍ: زَوْجَتِهِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَمَوْلَى مُعْتَقِهِ.
أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبُرْهَانٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ يَقْبَلُ النَّقْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ لِغَيْرِ الْمَحْكُومِ لَهُ، وَلَا بُرْهَانُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ مِمَّا يَتَعَدَّى.
فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ لِمَجْهُولٍ، أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَحَكَمَ بِهِ بِطَرِيقَةٍ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ابْنٌ لِغَيْرِ الْعَبْدِ الْمُقِرِّ، وَهِيَ تَصْلُحُ حِيلَةً لِدَفْعِ دَعْوَى النَّسَبِ، وَشَرَطَ فِي التَّهْذِيبِ تَصْدِيقَ الْمَوْلَى، وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ الدَّعْوَى: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَاقْتَسَمَهُ الْوَارِثُونَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ كَانَ أَبِي، وَأَثْبَتَ النَّسَبَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالشُّهُودِ وَأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ.
فَيَقُولُ لَهُ الْوَارِثُونَ: بَيِّنْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ نَكَحَ أُمَّكَ.
هَلْ يَكُونُ هَذَا دَفْعًا؟ فَقَالَ: إنْ قَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ نَسَبِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبُنُوَّتُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ (انْتَهَى) .
ــ
[غمز عيون البصائر]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute