للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ الْمَهْرَ، عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ، وَيُجْعَلُ زِيَادَةً إنْ قَبِلَتْ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ قَصْدِهَا كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لَهَا كِسْوَةً مَاضِيَةً، فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إنَّهَا تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهَا إذَا ادَّعَتْ، فَإِنْ ادَّعَتْهَا بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهَا لِلسُّقُوطِ وَإِلَّا سَمِعَهَا وَلَا يَسْتَفْسِرُ الْمُقِرَّ (انْتَهَى)

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَخْ.

فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَّقْتُهُ فِيهِ لَا يَصِحُّ الدَّفْعُ يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ، وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ قَبُولِهِ إذْ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بَعْدَهُ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذَا أَوْلَى بِالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا ذَكَرَهُ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ السَّاقِطِ لَا يَعُودُ (انْتَهَى) .

وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ وَلَا مُسَاوَاةَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ هُنَا إنَّمَا صَحَّتْ دَعْوَاهُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَأَمَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَقْصُودُ بِالْهِبَةِ الْهِبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَشَرْطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُصْرَفُ إلَى الْكَامِلَةِ هَذَا وَعِنْدِي فِي كَوْنِ هَذَا الْفَرْعِ دَاخِلًا تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ مِنْ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَأَمَّا مَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ وَسَقَطَ فَلَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ تُفِيدُ مَا قُلْتُهُ بِعَيْنِهِ. قَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ لَهَا عَلَيَّ مَهْرَ كَذَا فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الْمَذْكُورُ إذَا قَبِلَتْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَصِحُّ بِلَا قَبُولِهَا وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَلَا تُجْعَلَ زِيَادَةً بِغَيْرِ قَصْدِ الزِّيَادَةِ فَاسْتِثْنَاؤُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>