بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَأَمَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إجْمَاعًا قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ تَنْفِيذَ الْيَمِينِ أَمَّا إذَا أَرَادَ تَنْفِيذَ الْفِعْلِ فِي الْيَمِينِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ نَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ الْكَافِرُ ثُمَّ حَنِثَ فِي حَالِ الْكُفْرِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْيَمِينِ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَعَ الْكُفْرِ لَا يَكُونُ مُعَظِّمًا وَلَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَزِمَهُ وَإِنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ صَحَّ إيلَاؤُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَبْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ
قَوْلُهُ (وَمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا يَمْلِكُهُ لَمْ يَصِرْ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ إنْ اسْتَبَاحَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَكْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَصَارَ كَمَا إذَا حَرَّمَ أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ إنْ اسْتَبَاحَهُ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ لَمْ يَصِرْ مُحَرَّمًا لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ تَقْتَضِي الْحُرْمَةَ قُلْنَا: لَمْ يَصِرْ مُحَرَّمًا حَرَامًا لِعَيْنٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِبَاحَةِ أَنْ يُعَامَلَ مُعَامَلَةَ الْمُبَاحِ لِأَنَّ الْمُبَاحَ يُؤْكَلُ وَقَدْ أَكَلَهُ بَعْدَ مَا حَلَفَ فَيَكُونُ مُعَامَلًا مُعَامَلَةَ الْمُبَاحِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ صَارَ حَلَالًا بَعْدَ أَنْ كَانَ حَرَامًا إذَا فَعَلَ مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حَنِثَ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إذَا ثَبَتَ تَنَاوَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا إنْ كَانَ طَعَامًا مَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْلِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ بَعْضِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَكْلَهُ مَرَّةً حَنِثَ بِأَكْلِ بَعْضِهِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ حَنِثَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَإِنْ تَرَكَ نِصْفَهَا أَوْ ثُلُثَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِآكِلٍ لِجَمِيعِهَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لَحْمَ هَذَا الْجَزُورِ أُوَلًا يَبِيعُ هَذِهِ الْخَابِيَةَ الزَّيْتَ فَبَاعَ نِصْفَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْكُلِّ فَحُمِلَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْحَقِيقَةِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ) فَائِدَتُهُ أَنَّ امْرَأَتَهُ لَا تَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَإِذَا نَوَاهَا كَانَ إيلَاءً وَلَا تُصْرَفُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَكَذَا اللِّبَاسُ لَا يَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ وَإِنْ قَالَ: كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي امْرَأَتَهُ كَانَ عَلَيْهَا وَعَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِأَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يَلْزَمُهُ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَتَحْرِيمُ الْمَرْأَةِ يَلْزَمُهُ بِنِيَّتِهِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي فِي إحْدَاهُمَا الطَّلَاقَ وَفِي الْأُخْرَى الْإِيلَاءَ كَانَتَا طَلْقَتَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى أَمْرَيْنِ فَإِذَا أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَى الْأَغْلَظِ مِنْهُمَا وَهُوَ الطَّلَاقُ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهُمَا: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي فِي أَحَدِهِمَا ثَلَاثًا وَفِي الْأُخْرَى وَاحِدَةً يُطَلَّقَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: فَيُحْمَلُ عَلَى أَشَدِّهِمَا كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ
قَوْلُهُ (وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا مُطْلَقًا فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ فَكَذَا أَيْضًا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا يُجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُجْزِيهِ وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا سَمَّاهُ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: هُنَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُطْلِقَ النَّذْرَ فَيَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرٌ لِلَّهِ عَلَيَّ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَهُوَ مُطْلَقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَرْطٍ الثَّالِثَةِ أَنْ يُعَلِّقَ نَذْرَهُ بِشَرْطٍ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكِتَابِ بَعْدَ هَذِهِ الرَّابِعَةِ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذِهِ تَنْعَقِدُ يَمِينًا وَمُوجِبُهَا مُوجِبُ الْيَمِينِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ عَلَّقَ نَذْرَهُ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ الشَّرْطُ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِنَفْسِ النَّذْرِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute