الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى مَا سِوَاهُ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ رَاكِبُهَا فَنَزَلَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ لَبِثَ سَاعَةً حَنِثَ) لِأَنَّ الْبَقَاءَ عَلَى اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ لُبْسٌ وَرُكُوبٌ فَإِذَا تَرَكَ النَّزْعَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ يَمِينِهِ جُعِلَ رَاكِبًا وَلَابِسًا فَحَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو فُلَانًا شَيْئًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَكَسَاهُ قَلَنْسُوَةً أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ حَنِثَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِمَّا تُكْسَى وَلِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ فَحَنِثَ بِوُجُودِ الْيَسِيرِ مِنْهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو فُلَانًا ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْسُهُ وَإِنَّمَا وَهَبَ دَرَاهِمَ وَشَاوَرَهُ فِيمَا يَفْعَلُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالْقُعُودِ حَتَّى يَخْرُجَ ثُمَّ يَدْخُلَ) لِأَنَّ الدُّخُولَ لَا دَوَامَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ انْفِصَالٌ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الدَّاخِلِ وَلَيْسَ الْمُكْثُ دُخُولًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارًا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَمَكَثَ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يَقُولُ دَخَلْتهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَسَوَاءٌ دَخَلَهَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا أَوْ مَحْمُولًا بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ الدُّخُولِ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ فَإِنْ أُدْخِلَهَا مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُدْخَلٌ فَإِنْ أَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ الْأُخْرَى لَا يَحْنَثُ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ دَاخِلًا بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ جَعَلْنَاهُ خَارِجًا بِالْأُخْرَى فَلَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَإِنْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُدْخِلْ قَدَمَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدُخُولٍ عَلَيْهِ عَادَةً وَإِنَّمَا الدُّخُولُ الْمُعْتَادُ فِي الْبُيُوتِ خَاصَّةً وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَأَمَرَ إنْسَانًا فَحَمَلَهُ وَأَخْرَجَهُ حَنِثَ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِي مَكَّةَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَهَا لِأَنَّ الْإِتْيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُصُولِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} [الشعراء: ١٦] وَإِنْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ فَهُوَ كَالْإِتْيَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَالْخُرُوجِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا خَرَابًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي يَمِينِهِ دَارًا مُعْتَادًا دُخُولُهَا وَسُكْنَاهَا إذْ الْأَيْمَانُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَادَةِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ) لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَهَا تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِبَقَاءِ اسْمِهَا وَالِاسْمُ فِيهَا بَاقٍ كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ سُقُوفُهَا وَبَقِيَتْ حِيطَانُهَا وَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ بِعَيْنِهِ فَارْتَدَى بِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَقَعَتْ عَلَى الِاسْمِ لَا عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ اللُّبْسِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الصِّفَةَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ شَرْطٌ وَقِيَامُ الِاسْمِ شَرْطٌ فِيهِمَا جَمِيعًا بَيَانُهُ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَأَشَارَ إلَيْهَا أَوْ دَارًا بِعَيْنِهَا فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ لِأَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ إذْ الدَّارُ اسْمٌ لِلسَّاحَةِ وَالْبِنَاءُ وَصْفٌ فِيهَا وَالصِّفَةُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَإِنْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الِاسْمَ قَدْ زَالَ فَلَوْ بَنَاهَا دَارًا أُخْرَى بَعْدَمَا جَعَلَهَا مَسْجِدًا فَدَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا غَيْرُ الدَّارِ الْأُولَى وَإِنْ بَنَاهَا دَارًا بَعْدَ مَا صَارَتْ صَحْرَاءَ فَدَخَلَهَا حَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَدَخَلَ دَارًا قَدْ هُدِمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الْغَائِبِ شَرْطٌ إلَّا إذَا كَانَتْ حِيطَانُهَا قَائِمَةً حِينَئِذٍ يَحْنَثُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَدَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ سَقْفُهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ غَيْرُ الْوَصْفِ وَإِنْ زَالَتْ حِيطَانُهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ زَالَ الِاسْمُ وَلَا يُسَمَّى بَيْتًا بَعْدَ زَوَالِ الْحِيطَانِ بِخِلَافِ الدَّارِ قَالَ الشَّاعِرُ:
الدَّارُ دَارٌ وَإِنْ زَالَتْ حَوَائِطُهَا ... وَالْبَيْتُ لَيْسَ بِبَيْتٍ بَعْدَ تَهْدِيمٍ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَدَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِلْمَبْنِيِّ فَإِذَا زَالَ الْبِنَاءُ لَمْ يُسَمَّ بَيْتًا وَإِنْ كَانَ انْهَدَمَ سَقْفُهُ وَبَقِيَتْ حِيطَانُهُ فَدَخَلَ حَنِثَ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ وَالسَّقْفُ وَصْفٌ فِيهِ وَلِأَنَّهُ بِهَدْمِ السَّقْفِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الْبَيْتِ مَا دَامَتْ الْحِيطَانُ بَاقِيَةً وَإِنَّمَا يُقَالُ: بَيْتٌ خَرَابٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتًا لَا سَقْفَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ فِيهِ وَالْوَصْفُ فِي الْغَائِبِ شَرْطٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَانْهَدَمَ وَبَنَى بَيْتًا آخَرَ فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِانْهِدَامِ
قَوْلُهُ (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute