زَوْجَةَ فُلَانٍ فَطَلَّقَهَا فُلَانٌ) أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا (ثُمَّ كَلَّمَهَا) (حَنِثَ) هَذَا إذَا كَانَ الْيَمِينُ عَلَى زَوْجَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُشَارٍ إلَيْهَا بِأَنْ قَالَ زَوْجَةَ فُلَانٍ هَذِهِ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَدِيقَ فُلَانٍ وَعَيَّنَهُ فَعَادَاهُ فُلَانٌ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُونَا مُعَيَّنَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لَمْ يَحْنَثْ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَكَذَا أَيْضًا لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَبَاعَ فُلَانٌ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ فَكَلَّمَ الْعَبْدَ أَوْ دَخَلَ الدَّارَ لَمْ يَحْنَثْ) هَذَا قَوْلُهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ قَاسَهُ عَلَى صَدِيقِ فُلَانٍ وَزَوْجَةِ فُلَانٍ وَلَهُمَا أَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ كَلَامِ الْعَبْدِ لِأَجْلِ مَوْلَاهُ إذْ لَوْ أَرَادَ الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْمَوْلَى فَلَمَّا أَضَافَ الْمِلْكَ فِيهِ إلَى الْمَوْلَى زَالَتْ يَمِينُهُ عَنْهُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَكَذَا الدَّارُ لَا تُعَادَى وَلَا تُوَالَى فَإِذَا حَلَفَ عَلَى دُخُولِهَا مَعَ الْإِضَافَةِ صَارَ الِامْتِنَاعُ بِالْيَمِينِ لِأَجْلِ صَاحِبِهَا فَإِذَا زَالَ الْمِلْكُ زَالَتْ الْيَمِينُ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ فُلَانٍ أَوَّلًا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَبَاعَهُمَا فَلَبِسَ الثَّوْبَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا لِمَعْنًى فِي الْمَالِكِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: مَا دَامَا مِلْكًا لِفُلَانٍ وَكَذَا الْعَبْدُ لَا يُعَادَى وَلَا يُوَالَى لِخَسَاسَتِهِ وَسُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْهُ لِأَجْلِ مَوْلَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصَّدِيقُ وَالزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يُعَادَوْنَ وَيُوَالَوْنَ لِأَنْفُسِهِمْ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَهُمْ بِالْيَمِينِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا يَسْكُنُهَا فُلَانٌ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ فَوُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ بَعْدَ الْيَمِينِ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِنْتَ فُلَانٍ يَقْتَضِي بِنْتًا مَوْجُودَةً فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ بِنْتًا لِفُلَانٍ أَوْ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ وَلَا بَنَاتَ لَهُ وَقْتَ الْيَمِينِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِنْتٌ فَتَزَوَّجَهَا حَنِثَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَالِفِ حَنِثَ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ يُسَمَّى طَعَامًا فَقَدْ أَكَلَ مِنْ طَعَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَبَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ لَا تَحْتَمِلُ إلَّا التَّعْرِيفَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُعَادَى لِمَعْنًى فِي الطَّيْلَسَانِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ وَقَدْ صَارَ شَيْخًا حَنِثَ) لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ إذْ الصِّفَةُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَإِنْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ شَابًّا أَوْ شَيْخًا أَوْ صَبِيًّا بِلَفْظِ النَّكِرَةِ تَقَيَّدَ بِهِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا فَأَكَلَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تَعَلَّقَتْ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ) فَهُوَ عَلَى ثَمَرِهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى أَكْلُهَا فَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى مَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَإِنْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِهَا لَمْ يَحْنَثْ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا أَكَلَ مِنْ ثَمَرِهَا أَوْ جُمَّارِهَا أَوْ طَلْعِهَا أَوْ دِبْسِهَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْهَا وَالْمُرَادُ بِالدِّبْسِ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ أَمَّا إذَا طُبِخَ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ فَإِنْ شَرِبَ مِنْ خَلِّهَا أَوْ نَبِيذِهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا قَدْ تَغَيَّرَ بِصَنْعَةٍ جَدِيدَةٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْكَرْمِ شَيْئًا فَهُوَ عَنْ عِنَبِهِ وَزَبِيبِهِ وَعَصِيرِهِ وَالْكَرْمُ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ فَهُوَ عَلَى لَحْمِهَا خَاصَّةً دُونَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ وَالزَّبَدِ وَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الشَّاةَ مَأْكُولَةٌ فِي نَفْسِهَا فَحُمِلَتْ الْيَمِينُ عَلَى لَحْمِهَا دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّخْلَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَأْكُولَةٍ فِي نَفْسِهَا فَحُمِلَتْ الْيَمِينُ عَلَى مَا يَحْدُثُ مِنْهَا وَلَوْ نَظَرَ إلَى عِنَبٍ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى الْعِنَبِ فِي نَفْسِهِ دُونَ زَبِيبِهِ لِأَنَّ الْعِنَبَ مَأْكُولٌ فِي نَفْسِهِ فَانْصَرَفَ يَمِينُهُ إلَيْهِ كَالشَّاةِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ فَصَارَ رُطَبًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَعَلَّقَتْ بِعَيْنٍ بَقِيَتْ بِبَقَاءِ اسْمِهِ وَزَالَتْ بِزَوَالِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ انْتِقَالَهُ إلَى الرُّطَبِ يُزِيلُ عَنْهُ اسْمَ الْبُسْرِ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ فَأَكَلَ مِنْ جُبْنٍ صُنِعَ مِنْهُ أَوْ مَصْلٍ أَوْ أَقِطٍ أَوْ شِيرَازِ الْمَصْلُ الْمَوَّاهُ وَالشِّيرَازُ الْجَدَابَةُ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَيْضَةِ فَأَكَلَ مِنْ فَرْخٍ خَرَجَ مِنْهَا أَوَّلًا يَذُوقَ هَذِهِ الْخَمْرَ فَصَارَتْ خَلًّا فَشَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ نَوَى مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ حَنِثَ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute