للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أولى من جعلها سببية، لأنها مسبوقة بالاستفهام، وأواري فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية، لأن الفاء الواقعة جوابا للاستفهام تنعقد من الجملة الاستفهامية والجواب شرط وجزاء، وهنا لا تنعقد، تقول: أتزورني فأكرمك، والمعنى: إن تزرني أكرمك، ولو قلت هنا: إن أعجز عن أن أكون مثل هذا الغراب أوار سوءة أخي، لم يصحّ، لأن المواراة لا تترتب على عجزه عن كونه مثل الغراب، ولهذا اعتبرنا العطف أولى. وسوءة أخي مفعول به، فأصبح الفاء عاطفة، وأصبح فعل ماض ناقص، واسمها ضمير مستتر تقديره هو، ومن النادمين خبرها.

[البلاغة:]

المجاز في قوله: «يا ويلتا» ، لأنه نادى ما لا يعقل. وأصل النداء أن يكون لمن يعقل.

[الفوائد:]

هذه القصة التي أوردها القرآن تصلح نواة لقصة عظيمة، وهي بحاجة الى القلم المبدع، ليعد منها قصة فنية رائعة. روي أن آدم مكث بعد مقتل هابيل مائة سنة لا يضحك، وأنه رثاه بشعر، وهو كذب منحول، فقد صح أن الأنبياء لا يقولون الشعر. وروى ميمون ابن مهران عن ابن عباس أنه قال: من قال إن آدم قال شعرا فهو كذب، ولكنه كان ينوح عليه، ويصف حزنه نثرا من الكلام، شبه المرثية، فتناسخته القرون، فلما وصل الى يعرب بن قحطان وهو أول من خط بالعربية نظمه شعرا فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>