للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه القصيدة المستجادة تعدّ حسب رواية القالي خمسة وثلاثين بيتا، بناها من أولها الى آخرها على التزام حرف معين قبل الرّويّ، وهو أمر لم يسبق إليه شاعر من شعراء العرب في استخدام هذا النوع، فقلّده الشعراء، وهل أراد المعري ذلك؟ الجواب: لا، ومن رأينا أن المعري في اقتدائه بكثير عزّة لم يفعل ذلك، لأن كثيّرا أول من استخدم هذا الفن- كما توهم فريق من علماء البيان- بل لأن لزوم ما لا يلزم لم يرد إلا نادرا في شعر العرب قبل عصر كثير، كما أنه ورد في نبذ ومقطوعات قصيرة، أما كثير فقد نظم أشهر وأطول قصيدة لزومية تناقلتها الرواة. وقد أكثر شعراء العرب قبل كثير وبعده من التزام ما لا يلزم قبل تاء التأنيث هذه.

هذا وقد بلغ أبو العلاء الغاية في لزومياته، فقد بنى قافية على دارهم، صدارهم، ملتزما فيها أربعة أحرف، وبنى أخرى على ضرائرهم، صرائرهم، سرائرهم، ملتزما فيها خمسة أحرف.

ويطول بنا الحديث إن أردنا الاستشهاد فحسبنا ما تقدم.

[[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٩٠ الى ٩٣]]

وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>