ولا خشونة في الكلام علموا أن هذا لا يتأتى إلا بتأييد رباني قيل ذلك» .
وما قاله هؤلاء المحققون صحيح ولكن زيادة «ما» للتوكيد لا ينكره في مواطنه المقررة من له أدنى مسكة في الذوق والتعلق بالعربية، فضلا عمن يتعاطى تفسير كلام الله. وليس «ما» في هذا المكان ما يتوهمه أحد مهملا فلا يحتاج ذلك الى تأويلها بأن تكون استفهاما للتعجب، ثم إن تقديره ذلك:«فبأي رحمة» دليل على أنه جعل «ما» مضافة للرحمة، وما ذهب اليه خطأ من وجهين، أحدهما: أنه لا تضاف ما الاستفهامية ولا أسماء الاستفهام غير «أيّ» بلا خلاف، و «كم» على خلاف. والثاني أنه إذا لم تصح الاضافة فيكون إعرابه بدلا، وإذا كان بدلا من اسم الاستفهام فلا بد من إعادة همزة الاستفهام في البدل كما هو مقرر، وكان يغنيه عن هذا الارتباك والتسور عليه قول الزجاج في «ما» هذه: إنها صلة فيها معنى التوكيد بإجماع النحويين والبيانيين.
[مناقشة طريفة بين الغزالي وابن الأثير:]
وقد جرت مناقشة طريفة بين الغزالي وابن الأثير فقال الغزالي في حديثه عن أقسام المجاز: القسم الثاني عشر الزيادة في الكلام لغير فائدة كقوله تعالى: «فبما رحمة من الله لنت لهم» ف «ما» هنا زائدة لا معنى لها، أي فبرحمة من الله لنت لهم. ورد عليه ابن الأثير فقال وهذا القول لا أراه صوابا وفيه نظر من وجهين: أحدهما: أن هذا القسم ليس من المجاز، لأن المجاز هو دلالة اللفظ على غير ما وضع له في أصل اللغة، وهذا غير موجود في الآية، وانما هي دالة على الوضع اللغوي المنطوق به في أصل اللغة. والوجه الآخر: إني لو