والمراد بالأدنى عذاب الدنيا وما يستهدفون له من محن ونكبات، ودون ظرف زمان بمعنى قبل متعلق بمحذوف حال والعذاب مضاف إليه والأكبر نعت والمراد بالأكبر عذاب الآخرة ولعل واسمها وخبرها وجملة الترجي حالية والمراد بها ترجي المخاطبين كما قال سيبويه في تفسيرها. (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) كلام مستأنف مسوق لبيان حال من قابل النعمة بالإعراض والإشاحة عنها ومن اسم استفهام معناه النفي مبتدأ وأظلم خبر وممن متعلقان بأظلم وجملة ذكر صلة لمن وبآيات ربه متعلقان بذكر وثم حرف عطف وتراخ وأعرض عطف على ذكر وعنها متعلقان بأعرض وسيأتي معنى التراخي في باب البلاغة وإنا ان واسمها ومن المجرمين متعلقان بمنتقمون ومنتقمون خبر إن.
[البلاغة:]
١- ذكرنا فيما سبق أن لحروف العطف أسرارا لا يدركها إلا المبين، فلا يصح وضع بعضها موضع بعض للفوارق بينها، وكلمة «ثم» خاصة بالاستبعاد والتطاول في المدة وقد ناسب ذكرها في قوله «ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها» لأن الإعراض عن الآيات مع غاية وضوحها وإشراقها مستبعد في حكم البداءة الثابتة وموازين العقول الراجحة. وقد رمق الشعراء سماء هذه البلاغة فقال جعفر بن علبة الحارثي فيما يرويه ديوان الحماسة:
ولا يكشف الغمّاء إلا ابن حرّة ... يرى غمرات الموت ثم يزورها