ملأ من قومه سخروا منه» وقال بعد ذلك «ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون» جاءت لفظة القوم في آخر القصة، ووصفهم بالظلم ليرتد عجز الكلام على صدره.
[٢- رد العجز على الصدر:]
وهو الفن الثاني من فنون هذه الآية، وليعلم أن القوم الذين هلكوا بالطوفان هم الذين كانوا يسخرون من نوح فهم مستحقون للعقاب لئلا يتوهم ضعيف أن الطوفان لعمومه ربما أهلك من لا يستحق الهلاك فأخبر الله سبحانه أن الهالكين هم الذين تقدم ذكرهم وما كانوا يفعلونه مع نبيه من السخرية التي استحقوا بها الهلاك، وانهم الذين وصفهم بالظلم ووعد نبيه باغراقهم ونهاه عن مخاطبته فيهم ليرفع ذلك الاحتمال فيعلم أن الله سبحانه قد أنجز نبيه ما وعده وأهلك القوم الظالمين الذين قدم ذكرهم ووصفهم ووعد باغراقهم.
[٣- الاشارة:]
الفن الثالث من فنون هذه الآية فن الاشارة وقد تقدم بحثه وعرفه قدامة فقال: هو أن يكون اللفظ القليل دالا على الكثير من المعاني حتى تكون دلالة اللفظ بمثابة الإشارة باليد أو الايماءة بالحاجب والعين فانها تشير بحركة واحدة سريعة الى أشياء كثيرة تستوعب العبارات الطويلة ومن أمثلتها في الآية التي نحن بصددها قوله «وغيض الماء» فإن غيض الماء يشير الى انقطاع مادة الماء من نبع الأرض ومطر السماء ولولا ذلك لما غاض الماء.