في قوله تعالى:«فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ» فقد استعيرت الارادة للمشارفة والمداناة ويجوز أن يكون مجازا عقليا وهذا الخلاف مطرد في كل نسبة الى مالا يعقل كقول عمرو بن أبي ربيعة:
أبت الروادف والثدي لقمصها ... مس البطون وأن تمس ظهورا
وسنبسط لك القول في هذا البيت بسطا شافيا لتتأكد من حقيقة هذا الكلام فالإباء المنع الاختياري وقد شبه الروادف والثدي لكبرها بمن يصح منه ذلك والكلام يحتمل إرادة التشبيه فهو مجاز علاقته المشابهة فيكون استعارة مكنية تبعية وقد لا يحتمل إرادة التشبيه ويكون عبارة عن مجرد إسناد الإباء إليها للدلالة على كبرها فيكون مجازا عقليا وفي الكلام أيضا لف ونشر مشوش لأن مس البطون يرجع للثدي ومس الظهور يرجع للروادف ولا بد لإظهار معنى البيت تماما من إيراد البيت الثاني وهو:
وإذا الرياح مع العشي تناوحت ... نبّهن حاسدة وهجن غيورا
يقال تناوح الجبلان أي تقابلا فالمراد بالتناوح التقابل بحيث يجيء بعض الرياح من أمامها وبعضها من خلفها فتظهر روادفها ونهودها وتلتصق الثياب بخصرها فيظهر ضموره فتنبه الحاسدة لها وتهيج الغيور لكراهية ذلك من الرياح. ومن هذا الضرب قول الحسن بن هانىء أبي نواس:
فاستنطق العود قد طال السكوت به ... لا ينطق اللهو حتى ينطق العود