القول في هذه الآيات وفي فتنة سليمان بالخيل والجياد لا يتسع له صدر هذا الكتاب وهو خارج عن نطاقه ولكننا سنحاول الالماع الى هذه الفتنة وما قيل فيها وما نسج حولها من أكاذيب وأضاليل لفّقتها اليهودية الضالعة مع الأهواء، وقبل أن نشرع في ذلك ننقل فصلا للإمام فخر الدين الرازي أطاح بكل الأضاليل التي لابست هذا القصص الموشى بنسج الخيال قال:
«التفسير الحق المطابق لألفاظ القرآن أن نقول: إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في دينهم كما انه كذلك في ديننا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى غزو فجلس وأمر بإحضار الخيل وأمر باجرائها وذكر أنني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس وإنما أحبها لأمر الله تعالى وتقوية دينه وهو المراد بقوله: عن ذكر ربي ثم انه عليه الصلاة والسلام أمر باعدائها وإجرائها حتى توارت بالحجاب أي غابت عن بصره ثم أمر برد الخيل إليه وهو قوله: ردوها علي فلما عادت طفق يمسح سوقها وأعناقها والغرض من ذلك المسح أمور: الأول تشريفها لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو، الثاني أنه أراد أن يظهر أنه في ضبط السياسة والمملكة يبلغ الى أنه يباشر الأمور بنفسه، الثالث أنه كان أعلم الناس بأحوال الخيل وأمراضها وعيوبها من غيره فكان يمسحها ويمسح سوقها وأعناقها حتى يعلم هل فيها ما يدل على المرض، فهذا التفسير الذي ذكرنا ينطبق على لفظ القرآن ولا يلزمنا شيء من تلك المنكرات والمحظورات والعجب من الناس كيف قبلوا هذه الوجوه السخيفة فإن قيل: فالجمهور قد فسروا الآية بتلك الوجوه فما قولك فيه؟ فنقول لنا هاهنا مقامان: المقام الأول أن ندعي أن لفظ الآية