ولم يسبق أن تحدثنا فيما غبر من كتابنا عن هذا الفن وهو إتيان المتكلم بمعان شتى من المدح والوصف والنسيب وغير ذلك من الفنون، كل فن في جملة منفصلة من أختها بالسجع غالبا مع تساوى الجمل في الرنّة، ويكون بالجمل الطويلة والجمل المتوسطة والجمل القصيرة، فمثال المركب من الجمل الطويلة:«الذي خلقني فهو يهدين» إلى قوله «وألحقني بالصالحين» ففي هذه الآيات فنون شتى منها:
آ- المناسبة:
في قوله:«خلقني» و «يطعمني» .
ب- التنكيت:
في قوله:«وإذا مرضت فهو يشفين» فإن النكتة التي أوجبت على الخليل إسناد فعل المرض الى نفسه دون بقية الأفعال حسن الأدب مع ربه عز وجل إذ أسند إليه أفعال الخير كلها وأسند فعل الشر الى نفسه وللاشارة الى أن كثيرا من الأمراض تحدث بتفريط الإنسان في مأكله ومشربه وغير ذلك.
ج- حسن النسق:
فإنه قدم الخلق الذي يجب تقديم الاعتداد به من الخالق على المخلوق واعتراف المخلوق بنعمته، فإنه أول نعمة، وفي إقرار المخلوق بنعمة الإيجاد من العدم إقراره بقدرة الخالق على الإيجاد والاختراع وحكمته، ثم ثنى بنعمة الهداية التي هي أولى بالتقديم بعد نعمة الإيجاد