إلا أنها بنيت فلم تصرف فكأنه قال وإن كلا جميعا ليوفينهم وفي هذا ما فيه والله أعلم. وليوفينهم اللام جواب للقسم المقدر ويوفينهم فعل مضارع مبني على الفتح والهاء مفعول وربك فاعل والجملة خبر ان وأعمالهم مفعول به ثان (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) إن واسمها وبما يعملون متعلقان بخبير وخبير خبر ان (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ) الفاء الفصيحة واستقم فعل أمر وكما نعت لمصدر محذوف أي فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها على جادة الحق غير منحرف عنها، ومن: الواو عاطفة ومن موصول معطوف على الضمير في استقم وانما جاز العطف عليه من غير تأكيد بالمنفصل لقيام الفاصل مقامه ومعك ظرف متعلق بمحذوف صلة للموصول ويجوز أن يكون مفعولا معه والواو للمعية. (وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) لا ناهية وتطغوا مضارع مجزوم بلا والواو فاعل وان واسمها وبما تعملون خبرها وقد تقدم نظيره.
[البلاغة:]
الإيجاز في قوله تعالى «فاستقم» ذلك لأن الاستقامة هي الاستمرار في جهة واحدة وأن لا يعدل يمينا أو شمالا ومعروف أن الخط المستقيم هو أقصر بعد بين نقطتين فأقل انحراف يخرجه عن استقامته واذن فقد انتظم في كلمة الاستقامة جميع مكارم الأخلاق، ومحاسن الأحكام الأصلية والفرعية والكمالات التي ينشدها العارفون والمقربون، والتحلل من ذلك خطير واجتناب التحلل عسير ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه ابن عباس عند ما قال له أصحابه: لقد أسرع فيك الشيب: «شيبتني هود والواقعة وأخواتهما» .