للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعظيمه، ومثله تعريف الذكور في قوله تعالى «ويهب لمن يشاء الذكور» والقصد منه جعله دليلا على إمكان الخلق الثاني بطريق الأولى لأنه إذا لم يع تعالى بالخلق على عظمته وانفساحه واستيعابه لما يدهش العقول ويحير الأفكار فالخلق الآخر هو مجرد إعادة أولى أن لا يعبأ به وأن لا يتجاوز مدى القدرة والإمكان فهذا سرّ تعريف الخلق الأول، وأما التنكير فأمره منقسم، فمرة يقصد به تفخيم المنكر من حيث ما فيه من الإبهام كأنه أفخم من أن يخاطبه معرفة، ومرة يقصد به التقليل من المنكر والوضع منه، ومن الأول قوله تعالى «سلام قولا من رب رحيم» وقوله «لهم مغفرة وأجر عظيم» وقوله «إن المتقين في جنات ونعيم» وهو أكثر من أن يحصى، والثاني هو الأصل في التنكير فلا يحتاج إلى تمثيله فتنكير اللبس من التعظيم والتفخيم كأنه قال: في لبس أي وتنكير الخلق الجديد للتقليل منه والتهوين لأمره بالنسبة إلى الخلق الأول يحتمل أن يكون للتفخيم وكأنه أمر أعظم من أن يرضى الإنسان بكونه ملتبسا عليه مع أنه أول ما تبصر فيه صحته.

[[سورة ق (٥٠) : الآيات ١٦ الى ٢٠]]

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨) وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)

[اللغة:]

(تُوَسْوِسُ) الوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي،

<<  <  ج: ص:  >  >>