(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) إن واسمها واللام المزحلقة وآتية خبرها ولا نافية للجنس وريب اسمها وفيها خبرها والجملة خبر ثان لأن ولكن أكثر الناس لا يؤمنون تقدم إعراب هذه الجملة قبل قليل فجدد به عهدا.
[البلاغة:]
١- فن الإلجاء:
في قوله «لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس» فن رفيع من فنون البلاغة وهو فن الإلجاء وهو أن يبادر المتكلم خصمه بما يلجئه الى الاعتراف بصحته وبهذا صح التحامه مع ما قبله من الكلام فإن مجادلتهم في آيات الله كانت مشتملة على أمور كثيرة من الجدال والمغالطة واللجاج والسفسطة وفي مقدمتها إنكار البعث وهو في الواقع أصل المجادلة ومحورها الذي عليه تدور، فبادر سبحانه الى مبادهتهم بما يسقط في أيديهم، ويقطع عليهم طرق المكابرة والمعاندة وهو خلق السموات والأرض وقد كانوا مقرين بأن الله خالقها وبأنها خلق عظيم فخلق الناس بالقياس شيء هين ومن قدر على خلقها مع عظمها كان ولا شك على خلق الإنسان الضعيف أقدر وبه أقمن. هذا والأولوية في هذا الاستشهاد على درجتين: إحداهما أن القادر على العظيم هو على الحقير أقدر وثانيهما أن مجادلتهم كانت في البعث وهو الإعادة وما من ريب في أن الابتداء أعظم وأبهر من الإعادة.