١- المبالغة: في قوله تعالى: «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» فن المبالغة ذلك لأن لقائل أن يقول: إذا نزل أهل الجنة منازلهم فيها فأي بشارة لهم في أنهم لا يسمعون حسيسها؟ والجواب انه تأكيد للمبالغة وانها لن تقرب منهم أبدا لأن الذي يكون عن كثب منها يسمع، ولا شك، حسيسها، لأن أهل النار دركات جاءت وفق عدد سكانها وعدد داخليها ووفق عدة معبوداتهم ولذلك قال تعالى في آية أخرى «لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ» وسيأتي تفصيل ذلك في سورة الحجر ويروى أن عليا رضي الله عنه قرأ هذه الآية وهي «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ» ثم قال أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه وهو يقول: «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» .
٢- التشبيه: في قوله تعالى «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ» تشبيه للاعادة بالابتداء في تناول القدرة لهما على السواء قال الزمخشري:
«فإن قلت: وما أول الخلق حتى يعيده كما بدأه؟ قلت: أوله إيجاده من العدم فكما أوجده أولا من عدم يعيده ثانيا من عدم فإن قلت:
ما بال خلق منكرا؟ قلت: هو كقولك هو أول رجل جاءني تريد أول الرجال ولكنك وحدته ونكرته ارادة تفصيلهم رجلا رجلا فكذلك معنى أول خلق، أول الخلق بمعنى أول الخلائق لأن الخلق مصدر لا يجمع ووجه آخر وهو أن ينتصب الكاف بفعل مضمر يفسره نعيده وما موصولة أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده وأول خلق ظرف لبدأناه أي أول ما خلق أو حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ الثابت في المعنى» .