للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليد في النار لا يصح بل فيها العذاب والضرر وقد ذكرنا في باب اللغة انه يجوز أن يكون الارتفاق ناشئا عن الهم والعذاب كقول الهذلي المتقدم فلا مشاكلة ومن طريف المشاكلة قول بعضهم وقد دعاه إخوانه الى صبوح وليس لديه ثياب يلبسها فكتب إليهم:

إخواننا قصدوا الصبوح بسحرة ... وأتى رسولهم إليّ خصيصا

قالوا التمس شيئا نجد لك طبخة ... قلت اطبخوا لي جبة وقميصا

ومن المفيد أن نشير الى تأنيث حسنت وساءت وذلك على المعنى أي ساءت النار مرتفقا وحسنت الجنة مرتفقا.

[٤- الاستتباع:]

وهو فن جميل يتقصى الشيء الذي تتصدى للكتابة عنها باستقصاء الأوصاف المحيطة به والملائمة له فلا يكاد المتكلم يذكر معنى من المعاني أو يتناول غرضا من الأغراض حتى يستتبع معنى آخر من جنسه يقتضي زيادة في وصفه فقد ذكر تعالى الجنة جزاء للذين آمنوا وعملوا الصالحات فوصفها بأن الأنهار تجري خلالها من تحتهم ثم ذكر الأساور حلية لهم ونكرها لإبهام أمرها في الحسن وجمع بين السندس والإستبرق وهما ما رقّ وغلظ من ألبسة الحرير على عادة المترفين الذين يعدون ثيابا للصيف تصلح له وللشتاء لباسا أخرى تلائم حالات البرد الشديد وخص الاتكاء بالذكر لأنه هيئة المنعّمين المترفين المسترخين على المقاعد والسرر في الابهاء الممتعة والقصور المنيفة فسبحان قائل هذا الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>