ولا يلزم من انهيارهما أو انهيار أحدهما انهياره وبه متعلقان بانهار إذا كانت الباء للتعدية وبمحذوف حال إن كانت للمصاحبة وكلاهما جائز والله مبتدأ وجملة لا يهدي القوم الظالمين خبر. (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ) بنيانهم اسم لا يزال والذي صفة بنيانهم وجملة بنوا صلة وريبة خبر لا يزال وفي قلوبهم صفة لريبة. (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) استثناء من أعم الأزمنة فالمستثنى منه على هذا محذوف أي لا يزال بنيانهم ريبة في كل وقت من الأوقات إلا وقت تقطيع قلوبهم وأن مصدرية وتقطع أصلها تتقطع
منصوب بها وقلوبهم فاعل والله مبتدأ وعليم حكيم خبراه.
[البلاغة:]
اشتملت هذه الآيات على فنون من البلاغة ندرجها فيما يلي:
١- فن الترديد وهو أن يعلق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى ثم يردها بعينها ويعلقها بمعنى آخر كقوله تعالى «ولكن أكثر الناس لا يعلمون، يعلمون ظاهرا من الحياة» فيعلمون الأولى منفية والثانية مثبتة ولكل من المعنيين مناسبة اقتضت ذلك المعنى وقوله الذي نحن بصدده «لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا» ففيه الاولى متعلقة بتقوم وفيه الثانية خبر مقدم ولكل منهما معنى.
ومن أمثلة الترديد في الشعر بيت ورد في أبيات قالها سيف الدولة وذلك انه كانت له جارية من بنات الروم لا يرى الدنيا إلا بها ويشفق عليها من الريح الهابة فحسدتها سائر حظاياه على لطف محلها منه وأزمعن إيقاع مكروه بها من سم أو غيره وبلغ سيف الدولة ذلك فأمر بنقلها الى بعض الحصون احتياطا على روحها وقال في ذلك: