للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخبار عن عدم هدايته لقومه فأين التهكم؟ ولكن العرف في مثل ما هدى زيد عمرا بثبوت الهداية لزيد في نفسه ولكنه يؤخذ عليه انه لم يهد عمرا ولكن فرعون ضال في نفسه بل ان الضلال مركوز في سليقته كامن فيه كمون الطبائع الاصيلة فكيف يتوهم انه يهدي غيره وإذن فهو جمع بين المثلبتين واكتنفه الشر من ناحيتين فحق لمثله وقد صار مهزأة ان يتهكم به ويكون أداة للتهكم.

[٤- المجاز العقلي:]

وفي قوله تعالى «وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ» فإن لقائل أن يقول ان المواعدة كانت لموسى عليه السلام فكيف أضيفت إليهم، وإيضاح الجواب الدقيق الذي لم أر من وفّاه حقه أنه مجاز عقلي أسند المواعدة إليهم من قبل الله كما تسند الأمور المدركة الى من ليس له ادراك على حد المجاز العقلي وهذا من أسمى ما يصل اليه الأسلوب اللبق تقول لابن صديقك المتعسف المرتطم في حمأة الهوان لقد عرفتكم أهل حجا وتصون، تريد أن تنسب اليه ما هو بعيد عنه بعد الأمور المدركة عن غير العقلاء حين تنسب إليهم على طريق المجاز العقلي.

[[سورة طه (٢٠) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]]

وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤) قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>