الكناية في قوله تعالى:«أو جاء أحد منكم من الغائط» فالمجيء من الغائط- وهو المطمئن أو المنخفض من الأرض- كناية عن الحدث، جريا على عادة العرب، وهي أن الإنسان منهم إذا أراد قضاء حاجة قصد مكانا منخفضا من الأرض وقضى حاجته فيه.
[الفوائد:]
اشتملت آية الوضوء على فوائد هامة لا يجوز إغفالها، ونشير إليها فيما يلي:
١- استغنى ببناء القلة في قوله:«وأرجلكم» عن بناء الكثرة لأنها لم يستعمل لها بناء كثرة، وقد يستغني ببعض أبنية القلة عن بناء الكثرة وضعا واستعمالا اتكالا على القرينة. وقد وضع الشاطبيّ قاعدة جميلة نلخصها فيما يلي:«وحقيقة الوضع أن تكون العرب لم تضع أحد البناءين استغناء عنه بالآخر، والاستعمال أن تكون وضعتهما معا، ولكنها استغنت في بعض المواضع عن أحدهما بالآخر، فالأول:
كأرجل جمع رجل، وأعناق جمع عنق، وأفئدة جمع فؤاد، قال تعالى:
«وأرجلكم الى الكعبين» ، «فاضربوا فوق الأعناق» ، «وأفئدتهم هواء» ، فاستغنى فيها ببناء القلة عن بناء الكثرة، لأنها لم يوضع لها بناء كثرة. والثاني: كأقلام.
٢- لا شك في أن من أمر غيره بأن يمسح رأسه كان ممتثلا فعل ما يصدق عليه مسح، وليس في اللغة ما يقتضي أنه لا بد في مثل