٢- القول في مهما: قال سيبويه: وسألت الخليل عن «مهما» فقال: هي «ما» أدخلت معها «ما» ولكنهم استقبحوا تكرير لفظ واحد فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى. وقد استدل بعض العلماء على أنها حرف بقول زهير بن أبي سلمى:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
فأعرب هؤلاء «خليقة» اسما لتكن، ومن زائدة، فتعيّن خلو الفعل من الضمير، ولم يكن ل «مهما» محل من الإعراب، إذ لا يليق بها إلا الابتداء، والابتداء متعذّر لعدم وجود رابط، وإذا ثبت أن لا موضع لها تعين كونها حرفا، والتحقيق أن اسم تكن مستتر، ومن خليقة تفسير لمهما، ومهما مبتدأ، والجملة خبر، وفي الآية الضميران في «به» و «بها» راجعان لمهما، إلا أن أحدهما ذكّر على اللفظ، والآخر أنّث على المعنى، لأنه في معنى الآية.
وهذا الذي أنكره الزمخشري من أن «هما» لا تأتي ظرف كان، قد ذهب إليه ابن مالك، ذكره في التسهيل وغيره من تصانيفه، إلا أنه لم يقصر مدلولها على أنها ظرف زمان، بل قال: وقد ترد «ما» و «مهما» ظرفي زمان، وقال في أرجوزته الطويلة المسماة بالشافية الكافية::
وقد أتت مهما وما ظرفين في ... شواهد من يعتضد بها كفى
وقال في شرح البيت: جميع النحويين يجعلون «ما» و «مهما» مثل «من» في التجرد عن الظرف، مع أن استعمالهما ظرفين ثابت في استعمال الفصحاء من العرب، وأنشد أبياتا عن العرب زعم فيها أن