«إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم» فإن المستعار له: الريح، والمستعار منه: ذات النتاج، والمستعار العقيم، وهو عدم النتاج، والمشاركة بين المستعار له والمستعار منه في عدم النتاج وهو شيء معقول.
٣- استعارة المحسوس للمعقول وهي ألطف من المركّبة.
ومثالها قوله تعالى:«بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق» . فالقذف والدفع مستعاران، وهما محسوسان، والحق والباطل مستعار لهما، وهما معقولان، ومثله قوله تعالى:«ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس» فالمستعار الحبل وهو محسوس، والمستعار له العهد وهو معقول، والمشاركة بينهما في الاتصال، لأن العهد يصل بين المعاهد والمسلم كما يصل الحبل بين المرتبطين، وهو شيء محسوس، ومن هذا القسم قوله تعالى:
«فاصدع بما تؤمر» ، فالمستعار منه الزجاجة، والمستعار الصدع وهو الشقّ، والمستعار له هو عقوق المكلفين، والمعنى صرّح بجميع ما أوحي إليك، وبين كل ما أمرت ببيانه، وإن شق ذلك على بعض القلوب فانصدعت، والمشابهة بينهما فيما يؤثره التصديع في القلوب، فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من التّقبّض والانبساط، ويلوح عليها من علامات الإنكار والاستبشار كما يظهر ذلك على ظاهر الزجاجة المصدوعة من المطروقة في باطنها. يروى أن بعض الأعراب لما سمع هذه اللفظات الثلاث سجد فقيل: لم سجدت؟ فقال: سجدت لفصاحة هذا الكلام.
٤- استعارة المعقول للمحسوس بالاشتراك في أمر معقول.
ومثالها قوله تعالى:«إنا لماطغى الماء حملناكم في الجارية» فالمستعار له كثرة الماء وهي حسّيّة، والمستعار منه التكبر وهو عقلي، والجامع