وهم مبتدأ ومبصرون خبر (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) اضطربت أقوال المعربين والمفسرين في هذه الآية، وتفاديا للضياع في متاهات الأقوال المتشعبة نجتزئ بأشهر الأقوال وأقربها الى العقل والمنطق، فنقول: وإخوانهم: الواو استئنافية، وإخوانهم مبتدأ، والضمير فيه يعود على الشيطان، لأنه لا يراد به الواحد بل الجنس، والضمير المنصوب في يمدونهم يعود على الكفار، والمرفوع يعود على الشيطان، والتقدير وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين، وعلى هذا فالخبر جار على غير من هو له في المعنى، ألا ترى أن الإمداد مسند الى الشياطين، وهو في اللفظ خبر عن إخوانهم؟ قال الزمخشري:
وهذا الوجه أوجه، لأن «إخوانهم» في مقابلة «الذين اتقوا» ، وفي الغي جار ومجرور متعلقان بيمدونهم، وثم حرف عطف وتراخ، ولا يقصرون عطف على يمدونهم، ولا نافية. وهناك أوجه ترجع من حيث النتيجة إليه، فنكتفي به (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا: لَوْلا اجْتَبَيْتَها) الواو حرف عطف، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط، وجملة لم تأتهم في محل جر بالإضافة، وبآية جار ومجرور متعلقان بتأتهم، وجملة قالوا لا محل لها من الإعراب، ولولا حرف تحضيض، فالكلام طلبيّ، أي: اجتبها واخترعها من عند نفسك، كما هي عادتك (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) إنما كافة ومكفوقة، وأتبع فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا، وما اسم موصول في محل نصب مفعول به، وجملة يوحى بالبناء للمجهول لا محل لها لأنها صلة الموصول، وإلي جار ومجرور متعلقان بيوحى، ومن ربي جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) هذه الجملة تتمة لقول القول، داخلة في حيزه، وهذا اسم إشارة في محل رفع مبتدأ، وبصائر خبره، ومن