وإذا روجعت قصص القرآن الكريم مراجعة دقيقة تبيّن للناظر في مضامينها ان عبرتها الأولى دروس ينتفع بها الهداة ودعاة الإصلاح إذ كان من فرائض الإسلام الاجتماعية أن يندب من الأمة طائفة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
من تلك الدروس أن الجهلاء ينقادون للأمر والسطوة ولا ينقادون للحجة والدليل ويريدون من صاحب الدعوة كما جاء في قصة نوح أن يكون ملكا أو تكون عنده خزائن الله ويقولون له:«قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين» .
ومن تلك الدروس أن أصحاب السادة في الأمة يكرهون التغيير ويتشبثون بالقديم، ويأخذون على النبي أن يتبعه أناس من غير ذوي السيادة والجاه «وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادىء الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كذبين» .
ومن تلك الدروس أن الجمود على التقاليد الموروثة أكبر آفات العقل البشري لأنها تعطل تفكيره وتتركه في حكم الآلة التي تسير على نهج واحد في آثار الآباء والأجداد مع اختلاف الزمن وتبدل الأحوال.
على أن في القرآن الكريم قصصا شتى من غير قصص الدعوة أو قصص الجهاد في تبليغ الرسالة ولكنها تراد كذلك لعبرتها ولا تراد لأخبارها التاريخية، ومنها قصة يوسف التي نحن بصددها فهي قصة إنسان قد تمرس من طفولته بآفات الطبائع البشرية من حسد الأخوة إلى غواية المرأة الى ظلم السجن الى تكاليف الولاية وتدبير المصالح في إبان الشدة والمجاعة.