للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

فلفظة السماء يراد بها المطر وهو أحد المعنيين والضمير في رعيناه يراد به المعنى الآخر وهو النبات وأما شاهد الضميرين فمثاله قول البحتري:

فسقى الغضا والساكنيه وان هم ... شبّوه بين جوانحي وضلوعي

فإن لفظة الغضا محتملة الموضع والشجر والسقيا صالحة لكل منهما فلما قال والساكنيه أحد معنى اللفظة وهو الموضع بدلالة القرينة عليه ولما قال شبوه استعمل المعنى الآخر وهو الشجر بدلالة القرينة عليه، وقد أورد الشيخ عز الدين الموصلي في شرح بديعيته نقدا حسنا لبيت البحتري فقد قال: «شرط علماء البديع أن يكون اشتراك لفظة الاستخدام اشتراكا أصليا والنظر هنا في اشتراك لفظة الغضا فإنه ليس بأصلي لأن أحد المعنيين منقول من الآخر والغضا في الحقيقة الشجر وسموا الوادي غضا لكثرة نبته فيه وقالوا جمر الغضا لقوة ناره فكل منقول من أصل واحد.

ومن الاستخدام قول أبي العلاء في داليته الشهيرة:

قصد الدهر من أبي حمزة الأ ... واب مولى حجا وخدن اقتصاد

وفقيها أفكاره شدن للنعمان ما لم يشده شعر زياد فالنعمان يحتمل هنا أبا حنيفة رحمه الله ويحتمل النعمان بن المنذر وقد أراد أبو العلاء بلفظ النعمان أبا حنيفة بدليل قوله وفقيها وأراد

<<  <  ج: ص:  >  >>