أو أثر فيه الفاعل شيئا آخر بفعله والمصدر هو الذي لم يكن موجودا بل كان عدما محضا والفاعل موجده ومخرجه من العدم الى الوجود بفعله والعالم في قولنا خلق الله العالم كذلك فكان مصدرا» واعترض عليه بأنه لو كان مصدرا لكان نفس الخلق ولا يجوز أن يكون ذلك لوجهين أحدهما انا نعلم العالم مع الشك في كونه مخلوقا لله تعالى الى أن نعلم ذلك بدليل منفصل فالعالم على هذا معلوم وكونه مخلوقا له تعالى غير معلوم لتوفقه على الدليل والمعلوم مغاير لما ليس بمعلوم فكان الخلق غير العالم والوجه الثاني ان الله تعالى يوصف بالخلق فلو كان الخلق العالم لكان الله موصوفا بالعالم وهو لا يجوز لأنه يلزم من ذلك وصف القديم بالحادث أو قدم العالم وهذه حذلقة لا طائل تحتها والحق ان الذي أورده عبد القاهر الجرجاني طائح من أساسه لأن الكلام إنما هو في اصطلاح النحاة وهذا المصطلح إنما هو فيما يعرض لأواخر الكلم من الرفع والنصب والجر لا تصاف الكلمة بالفاعلية تارة وبالمفعولية تارة وبالإضافة تارة أخرى الى غير ذلك فإذا قلنا خلق الله السموات والأرض قلنا: هذه الكلمات المركبة المسموعة نسميها في اصطلاحنا فعلا وفاعلا ومفعولا به فرفعنا اسم الله تعالى على أنه فاعل ونصبنا السموات والأرض على المفعولية لوقوع فعل الفاعل عليها ولا يلزمنا من هذه العبارة التي أوقعناها على هذه الألفاظ أن يكون المعنى في الأصل قد وقع وتجدّد لأن الألفاظ أدلة على المعاني والدليل غير المدلول ولأن الاسم غير المسمى وإلا لزم احتراق فم من تلفّظ بالنار ولزم إذا قلنا أعدم الله العالم وأقام القيامة وأمات زيدا أن يكون هذا كله قد وقع الآن وتجدّد ونحن نجد هذا باطلا.
ونعتقد أن الامام عبد القاهر كان يعتقد بطلان ما أورده وإنما أورده مغالطة وإظهارا لصناعة البحث ليس غير.