عن الاضافة وعن الألف واللام فانظر كيف وقع أبو نواس في مثل هذا الموضع مع قربه وسهولته» .
ورد ابن أبي حديد في كتاب «الفلك الدائر» على هذا القول بأن قال: «لا ينكر أن كثيرا من أئمة العربية طعن في هذا البيت ولكن انتصر لأبي نواس كثير منهم فقالوا: وجدنا فعلى أفعل في غير موضع واردة بغير لام ولا إضافة ولا من مثل دنيا في قول الراجز: في سعي دنيا طالما قد مدت، وقول الآخر: وإن دعوت الى جلى ومكرمة، وقول الآخر لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة، وقالوا: طوبى لك. وفي البيت وجه آخر وهو أن تكون من في قوله من فواقعها زائدة على مذهب أبي الحسن الأخفش في زيادة من في الواجب فإنه يذهب الى ذلك ويحتج بقوله تعالى: «فيها من برد» أي فيها برد وهذا يرجح أن يكون صغرى وكبرى في البيت مضافتين» .
وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس: هذا عجيب من مثل هذا الرجل الفاضل أما إيراده دنيا وأخواتها فكل وجوهها مذكورة في كتب النحاة بما يغني عن الإطالة بذكره بخلاف صغرى وكبرى، وأما قوله بزيادة من فكأنه يظن أن من إذا كانت زائدة كان الجر بالإضافة أو كانت الإضافة باقية وهذا لا وجه له وإنما الجر بحرف الجر لأن حروف الجر لا تعلق وأما زيادة حرف الجر بين المتضايفين فلم بقل به إلا في مثل لا أبا لك على شذوذ وليس هذا منه ولا يريد الأخفش بقوله ان من تزاد في الواجب ما أراد ابن أبي الحديد» ومثله قول العروضيين فاصلة صغرى وفاصلة كبرى أي صغيرة وكبيرة لا يريدون التفضيل وانما يريدون الاسم وقول أبي تمام يصف الربيع:
دنيا معاش للورى حتى إذا ... حل الربيع فإنما هي منظر