إغاثة والإغاثة هي الإنقاذ من العذاب تهكما بهم وتشفيا منهم والتهكم فن طريف من فنونهم من تهكمت البئر إذا تهدمت أو من التهكم بمعنى الغضب الشديد أو الندم على أمر فائت فالبشارة فيه إنذار والوعد معه وعيد والإجلال للمخاطب المتهكم به تحقير وهذه الآية من أحسن شواهده إذ جعل الإغاثة ضد الإغاثة نفسها ففيه الى جانب التهكم مشاكلة أيضا وقد افتتن الشعراء بهذا المعنى وأخذه بعضهم بلفظه فأجاد من جهة وأسف من جهة التركيب وذلك بقوله يهجو بخيلا:
أبات الضيوف على سطحه ... فبات يريهم نجوم السماء
وقد فتت الجوع أكبادهم ... وان يستغيثوا يغاثوا بماء
وقد برع فيه من شعرائنا ابن الرومي وأوردنا نماذج من تهكمه ونورد الآن أبياتا له يتهكم فيها بصاحب لحية طويلة:
ارع فيها الموسى فإنك منها ... يشهد الله في اثام كبير
أيما كوسج يراها فيلقى ... ربه بعدها صحيح الضمير
هو أحرى بأن يشك ويغرى ... باتهام الحكم في التقدير
لحية أهملت فسالت وفاضت ... فإليها تشير كف المشير
ما رأتها عين امرئ ما رآها ... قط إلا أهلّ بالتكبير
روعة تستخفه لم يرعها ... من رأى وجه منكر ونكير
فاتق الله ذا الجلال وغيّر ... منكرا فيك ممكن التغيير
أو فقصّر منها فحسبك منها ... نصف شبر علامة التذكير