للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل، ولو كان ذلك لوجدت قريش بها على المسلمين الصولة، ولأقامت اليهود عليهم الحجة، كما فعلوا مكابرة في قصة الإسراء، ولا فتنة أعظم من هذه البلية لو وجدت، ولا تشغيب للمعادي حينئذ أشد من هذه الحادثة لو أمكنت، وما ورد عن معاند فيها كلمة ولا عن مسلم بسببها بنت شفة فدل على بطلها، واجتثاث أصلها، ولا شك في إدخال بعض شياطين الانس والجن هذا الحديث على بعض مغفلي المحدثين، ليلبس به على بعض ضعفاء المسلمين.

ووجه رابع: ذكر الرواة لهذه القصة أن فيها نزلت: «وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» الآيتان، هاتان الآيتان تردّان الخبر الذي رووه لأن الله تعالى ذكر أنهم كادوا يفتنونه حتى يفتري ولولا أن ثبته لكاد يركن إليهم شيئا قليلا، فمضمون هذا ومفهومه أن الله عصمه من أن يفتري وثبته حتى لم يركن إليهم قليلا فكيف كثيرا وهم يروون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون والافتراء بمدح آلهتهم وانه صلى الله عليه وسلم قال: افتريت على الله وقلت ما لم يقل وهي تضعف الحديث لو صح فكيف ولا صحة له؟ وهذا مثل قوله تعالى في الآية الأخرى: «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ»

قال القشيري: ولقد طالبته قريش وثقيف إذ مرّ بآلهتهم أن يقبل بوجهه إليها ووعدوه الإيمان به إن فعل فما فعل ولا كان ليفعل، قال ابن الانباري:

«ما قارب الرسول ولا ركن» .

أما ما ذكره ابن حجر من أن القصة رويت مرسلة من ثلاث طرق على شرط الصحيح وانه يحتج بها إلخ ما سبق فقد ذهب عليه أن العصمة من العقائد التي يطلب فيها اليقين فالحديث الذي يفيد خرمها ونقضها

<<  <  ج: ص:  >  >>