به أنفة واستنكافا من توبيخ قومه وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه لا كراهة للحق كما يحكى عن أبي طالب.
فإن قلت يزعم بعض الناس أن أبا طالب صح إسلامه قلت:
يا سبحان الله كأن أبا طالب كان أخمل أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يشتهر اسلام حمزة والعباس ويخفى إسلامه» .
وهذا جميل من الزمخشري ولكن أولى من ذلك أن يكون الضمير في قوله «وأكثرهم» عائدا على الجنس للناس كافة ولما ذكر هذه الطائفة من الجنس بنى الكلام في قوله وأكثرهم على الجنس بجملته كقوله:
«إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين» وكقوله: «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين» ويدل على ذلك قوله تعالى «بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ» والنبي صلى الله عليه وسلم جاء الى الناس كلهم وبعث الى الكافة ويحتمل أن يحمل الأكثر على الكل كما حمل القليل على النفي، وأما قول الزمخشري إن من تمادى على الكفر وآثر البقاء عليه تقليدا لآبائه ليس كارها للحق فمردود فإن من أحب شيئا كره ضده فإذا أحبوا البقاء على الكفر فقد كرهوا الانتقال عنه الى الايمان ضرورة، ثم انجر الكلام الى استبعاد ايمان أبي طالب وتحقيق القول فيه أنه مات على الكفر ووجه ذلك بأنه أشهر عمومة النبي صلى الله عليه وسلم فلو كان قد أسلم لاشتهر إسلامه كما اشتهر اسلام العباس وحمزة لأنه أشهر، وللقائل بإسلامه أن يعتذر عن عدم شهرته بأنه إنما أسلم قبيل الاحتضار فلم يظهر له مواقف في الإسلام يشتهر بها كما اشتهر لغيره من عمومته.