للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطفين الأخيار من خلقه وكأن هذا الحمد براعة استهلال لما سيلقيه من البراهين والدلائل على الوحدانية والعلم والقدرة التي سيرد ذكرها وذلك بعد أن فرغ من قصص هذه السور الخمس. وقل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت أي يا محمد ليكون نموذجا يتأسى به كل كاتب وخطيب ويحتذى على مثاله في كل علم مفاد، والحمد مبتدأ ولله خبره وسلام مبتدأ سوغ الابتداء به ما فيه من معنى الدعاء وعلى عباده خبر والذين صفة لعباده وجملة اصطفى صلة والعائد محذوف أي اصطفاهم وهم المؤمنون المتأهلون للدنيا والآخرة. (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) الهمزة للاستفهام والله مبتدأ وخير خبر وأم عاطفة وما اسم موصول واقع على آلهتهم وجملة يشركون صلة. (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) أم منقطعة لفقدان شرطها وهو تقدم همزة الاستفهام وهي بمعنى بل والإضراب بمعنى التبكيت والتوبيخ ومن مبتدأ وجملة خلق السموات والأرض صلة وخبر من محذوف تقديره خير أم ما يشركون فيقدر ما أثبت في الاستفهام الأول تعويلا عليه وهذا ما اختاره الزمخشري وهو جميل متناسب مع الكلام، وقال أبو الفضل الرازي:

«لا بد من إضمار جملة معادلة وصار ذلك المضمر كالمنطوق لدلالة الفحوى عليه وتقدير تلك الجملة: أمن خلق السموات والأرض كمن لم يخلق وكذلك أخواتها وقد أظهر في غير هذه المواضع ما أضمر فيها كقوله تعالى: أفمن يخلق كمن لا يخلق» ولا نرى خلافا بينا بين الوجهين. وأنزل عطف على خلق ولكم حال ومن السماء متعلقان بأنزل وماء مفعول به والفاء عاطفة وأنبتنا عطف على ما تقدم على طريق الالتفات، وسيأتي في باب البلاغة، وبه متعلقان بأنبتنا وحدائق مفعول به وذات بهجة صفة لحدائق وسوغ إفراده أن المنعوت جمع كثرة لما لا يعقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>