للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤذي قلبها وارع حق الله في نفسك أيضا فربما لا تجد بعدها خيرا منها، تقول ذلك وأنت تعلم أن الطلاق أمر لا بد منه لما ألهمك الله أن تمتثل أمره بنفسك لتكون أسوة حسنة لمن معك ولمن يأتي بعدك وإنما غلبك في ذلك الحياء وخشية أن يقولوا: تزوج محمد مطلقة متبناه فأنت في هذا «تخفي في نفسك ما الله مبديه» من الحكم الذي ألهمك «وتخشى الناس والله» الذي أمرك بذلك كله «أحق أن تخشاه» فكان عليك أن تمضي في الأمر من أول وهلة تعجيلا بتنفيذ كلمته وتقرير شرعه ثم زاده بيانا بقوله: «فلما قضى زيد منها وطرا» أي حاجة بالزواج «زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا» لترتفع الوحشة من نفوس المؤمنين ولا يجدوا في أنفسهم حرجا من أن يتزوجوا نساء كنّ من قبل زوجات لأدعيائهم «وكان أمر الله مفعولا» .

هذا هو التعليل الصحيح، والتفسير القويم، لهذه القصة وأما ما رووه من أن النبي مرّ ببيت زيد وهو غائب فرأى زينب فوقع منها في قلبه شيء فقال: سبحان مقلب القلوب فسمعت زينب التسبيحة فنقلتها إلى زيد فوقع في قلبه أن يطلقها إلى آخر هذا الهراء الذي يترفع النبي عنه فقد فنده المحققون من العلماء وقال الإمام أبو بكر بن العربي: انه لا يصح وان الناقلين له المحتجين به على مزاعمهم في فهم الآية لم يقدروا مقام النبوة حق قدره، ولم تصب عقولهم من معنى الصحة كنهها، وأطال ابن العربي في ذلك إلى أن يقول:

«فأما قولهم أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها فوقعت في قلبه فباطل فإنه كان معها في كل وقت وموضع ولم يكن حينئذ حجاب فكيف تنشأ معه وينشأ معها ويلحظها في كل ساعة ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها

<<  <  ج: ص:  >  >>