والصافات اسم فاعل من صف قيل هم الملائكة المصطفون في السماء يسبحون لهم مراتب يقومون عليها صفوفا كما يصطف المصلون وقيل هم المجاهدون وقيل هم المصلون وقيل هي الطير الصافات أجنحتها كقوله والطير صافات، وفي الصافات ضمير مستتر هو الفاعل والمفعول به محذوف أي نفوسها أو أجنحتها وصفا مفعول مطلق مؤكد.
(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) الفاء حرف عطف، قال الزمخشري: «فإن قلت ما حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات؟ قلت: إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود كقوله:
يا لهف زيابة للحارث الصا ... بح فالغانم فالآيب
كأنه قيل الذي أصبح فغنم فآب، وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه كقولك خذ الأفضل فالأكمل واعمل الأحسن فالأجمل، وإما على ترتب موصوفاتها في ذلك كقوله: رحم الله المحلقين فالمقصرين، فعلى هذه القوانين الثلاثة ينساق أمر الفاء العاطفة في الصفات، وسيأتي تعقيب مفيد على هذا التقرير في باب البلاغة.
والزاجرات عطف على الصافات والمراد بها قيل نفوس العلماء لأنها تزجر العصاة بالنصائح والمواعظ أو الملائكة ترجر السحاب أي تسوقه وزجرا مصدر مؤكد أيضا. (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) قيل أراد نفوس العلماء لأنها تتلو آيات الله وتدرس شرائعه وقيل نفوس قواد الغزاة في سبيل الله التي تصف الصفوف وتزجر الخيل وتتلو الذكر مع ذلك لا تشغلها عنه تلك الشواغل وذكرا مفعول مطلق لأنها في معنى التاليات ويجوز أن تكون مفعولا به للتاليات، وسيأتي معنى القسم بهذه الأشياء في باب الفوائد.