تصح الصفة لأن الحفظ من شياطين لا يسمعون ولا يتسمعون لا معنى له وكذلك الاستئناف لأن سائلا لو سأل: لم تحفظ من الشياطين فأجيب بأنهم لا يسمعون لم يستقم فبقي أن يكون كلاما منقطعا مبتدأ اقتصاصا لما عليه حال المسترقة للسمع وأنهم لا يقدرون أن يسمعوا الى كلام الملائكة أو يتسمعوا وهم مقذوفون بالشهب مدحورون عن ذلك، إلا أن من أمهل حتى خطف خطفة واسترق استراقة فعندها تعاجله الهلكة باتباع الشهاب الثاقب» ومضى الزمخشري في تقريره قائلا:«فإن قلت: هل يصح قول من زعم أن أصله لئلا يسمعوا فحذف اللام كما حذفت في قولك جئتك أن تكرمني فبقي أن لا يسمعوا فحذفت أن وأهدر عملها كما في قول طرفة:
ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي
قلت: كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده فأما اجتماعهما فمنكر من المنكرات على أن صون القرآن عن مثل هذا التعسف واجب» .
وتعقبه ابن المنير صاحب الانتصاف فقال: «كلا الوجهين مستقيم والجواب عن إشكاله الوارد على الوجه الأول أن عدم سماع الشيطان سببه الحفظ منه فحال الشيطان حال كونه محفوظا منه هي حاله حال كونه لا يسمع وإحدى الحالين لازمة للأخرى فلا مانع أن يجتمع الحفظ منه وكونه موصوفا بعدم السماع في حالة واحدة لا على أن عدم السماع ثابت قبل الحفظ بل معه وقسمه. ونظير هذه الآية قوله تعالى: وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، فقوله مسخرات