أما ابن هشام فقد عقد في المغني تنبيها خاصا حول هذه الجملة فقال: من الاستئناف ما قد يخفى وله أمثلة كثيرة أحدها لا يسمعون من قوله تعالى: وحفظا من كل شيطان ما رد لا يسمعون الى الملأ الأعلى، فإن الذي يتبادر الى الذهن أنه صفة لكل شيطان أو حال منه وكل منهما باطل إذ لا معنى للحفظ من شيطان لا يسمع وإنما هي للاستئناف النحوي ولا يكون استئنافا بيانيا لفساد المعنى أيضا، وقبل يحتمل أن الأصل لئلا يسمعوا ثم حذفت اللام كما في جئتك أن تكرمني ثم حذفت أن فارتفع الفعل كما في قوله:
ألا أيها ذا الزاجري احضر الوغى ... ......
فحين رفع أحضر، واستضعف الزمخشري الجمع بين الحذفين، فإن قلت اجعلها حالا مقدرة أي وحفظا من كل شيطان مارد مقدرا عدم سماعه بعد الحفظ قلت الذي يقدر وجود معنى الحال هو صاحبها كالممرور به في قولك مررت برجل معه صقر صائدا به غدا أي مقيدا حال المرور به أن يصيد غدا، والشياطين لا يقدرون عدم السماع ولا يريدونه.
ملاحظة هامة:
الاستئناف قسمان: بياني ونحوي: أما البياني فهو ما كان جوابا لسؤال مقدر نحو قوله تعالى: «هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا: سلاما قال سلام قوم منكرون» فإن جملة القول الثانية جواب لسؤال مقدر تقديره فماذا قال لهم ولهذا فصلت عن الأولى فلم تعطف عليها، وأما النحاة فقالوا: هي المقتطعة عما قبلها سواء كانت جوابا عن سؤال أم لا، فالاستئناف عندهم أعم.