كما استعاروا لها الشاة في قوله: يا شاة ما قنص لمن حلت له ...
البيت ... قال: والفرق بين التمثيل والاستعارة انه على التمثيل يكون الذي سبق الى فهم داود عليه السلام أن التحاكم على ظاهره وهو التخاصم في النعاج التي هي البهائم ثم انتقل بواسطة التنبيه الى فهم انه تمثيل لحاله وعلى الاستعارة يكون فهم عنهما التحاكم في النساء المعبر عنهن بالنعاج كناية ثم استشعر أنه المراد بذلك.
قلت: ونقل بعضهم أن هذه القصة لم تكن من الملائكة وليست تمثيلا وإنما كانت من البشر إما خليطين في الغنم حقيقة وإما كان أحدهما موسرا وله نسوان كثيرة من المهائر والسراري والثاني معسر وما له إلا امرأة واحدة فاستنزله عنها وفزع داود وخوفه أن يكونا مغتالين لأنهما دخلا عليه في غير وقت القضاء وما كان ذنب داود إلا أنه صدق أحدهما على الآخر ونسبه الى الظلم قبل مسألته.
قلت: إنما قصد هذا القائل بما قال تنزيه داود عن ذنب يبعثه عليه شهوة النساء فأخذ الآية على ظاهرها وصرف الذنب الى العجلة في نسبة الظلم الى المدعى عليه لأن الباعث على ذلك في الغالب إنما هو التهاب الغضب وكراهيته أخف مما يكون عليه الباعث عليه الشهوة والهوى ولعل هذا القائل يؤكد رأيه في الآية بقوله تعالى عقبها وصية لداود عليه السلام: «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» فما جرت العناية بتوصيته فيما يتعلق بالأحكام إلا والذي صدر منه أولا وبان منه من قبيل ما وقع له في الحكم بين الناس.
وعبارة أبي حيان: «والظاهر ابقاء لفظ النعجة على حقيقتها من كونها أنثى الضأن ولا يكنى بها عن المرأة ولا ضرورة تدعو الى ذلك