هذه الآية شغلت المعربين كثيرا وتشعبت أقوالهم فيها وأوصل السمين أوجه الاعراب فيها إلى عشرة مما يضيع القارئ في متاهاته ولعل أولاها بالذكر وأقربها الى المعقول ما ذكره أبو حيان قال ما نصه:«والأولى في إعراب هذا الكلام أن يكون الذين مبتدأ وخبره كبر والفاعل ضمير المصدر المفهوم من يجادلون وهذه الصفة موجودة في فرعون وقومه ويكون الواعظ لهم قد عدل عن مخاطبتهم الى الاسم الغائب لحسن محاورته لهم واستجلاب قلوبهم وأبرز ذلك في صورة تذكرهم فلم يخصهم بالخطاب وفي قوله كبر ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم» .
ونورد فيما يلي الاعراب الذي اختاره الزمخشري قال:
«الذين يجادلون بدل من من هو مسرف فإن قلت: كيف جاز إبداله منه وهو جمع وذاك موحد؟ قلت لأنه لا يريد مسرفا واحدا فكأنه قال: كلّ مسرف وجاز إبداله على معنى من لا على لفظها فإن قلت فما فاعل كبر؟ قلت: ضمير من هو مسرف، فإن قلت: أما قلت هو جمع ولهذا أبدلت منه الذين يجادلون؟ قلت: بل هو جمع في المعنى وأما اللفظ فموحد فحمل البدل على معناه والضمير الراجع إليه على لفظه وليس ببدع أن يحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى وله نظائر، ويجوز أن نرفع الذين يجادلون على الابتداء ولا بد في هذا الوجه من حذف مضاف يرجع اليه الضمير في كبر تقديره جدال الذين يجادلون كبر مقتا، ويحتمل أن يكون الذين يجادلون مبتدأ وبغير سلطان أتاهم خبرا وفاعل كبر قوله كذلك أي كبر مقتا مثل ذلك الجدال ويطبع الله