بصورة كاملة عن التصوف ورجاله منذ ظهر التصوف في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري حتى عصر المؤلف، وتعتبر على الرغم من صغر حجمها نسبيا أفضل وثيقة علمية وتاريخية في موضوعها، وقبل تلخيص الرسالة لا بد من الإشارة الى صاحبها فهو الشيخ عبد الكريم بن هوازن المعروف بزين الإسلام أبي القاسم القشيري ولد سنة ٣٧٦ هـ ولد في بيت عربي قح فقد كان أبوه قشيريا من قبيلة قشير بن كعب التي وردت خراسان زمن الأمويين وكانت أمه سلمية وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية استوا قريبا من نيسابور وفي هذه المنطقة عاش أجداده الأقربون، ونحن لا نعلم إلا القليل عن طفولته الأولى ولكننا نعلم أن أباه مات وهو صغير فعهد بأمر تربيته الى أبي القاسم اليماني الذي كان صديقا لأسرة القشيري فقرأ عليه الأدب والعربية ثم انتقل الى نيسابور حيث أخذ العلم عن بعض الأجلاء من علمائها وحضر مجلس الأستاذ الشهير أبي علي الحسن بن علي الدقاق الذي كان من كبار مشايخ الصوفية في عصره فأعجب القشيري به واستحسن كلامه وسلك طريقته فقبله الشيخ وأشار عليه بتعلّم العلم فحضر دروس الشيخ أبي بكر محمد بن بكر الطوسي ثم الأستاذ أبي بكر بن نورك الذي توفي سنة ٤٠٦ هـ وكان أصوليا كبيرا وبعد وفاته اختلف الى الأستاذ أبي اسحق الأسفراييني وجمع بين طريقته وطريقة ابن نورك ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر الباقلاني المتوفى سنة ٤٠٣ هـ وهو مع كل هذا يداوم على حضور مجلس أبي علي الدقاق إلى أن اختاره لصحبته وزوّجه من ابنته ولما مات الأستاذ أبو علي صحب الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي المؤرخ الصوفي الكبير وأصبح شيخ خراسان غير منازع في الفقه على مذهب الإمام الشافعي والكلام على مذهب الإمام أبي الحسن