وقسمه آخرون الى قسمين فقط وهما: تجريد محض وتجريد غير محض فالأول، وهو المحض، أن يأتي بكلام هو خطاب لغيرك وأنت تريد به نفسك كقول الحيص بيص في مطلع قصيدة له:
إلام يراك المجد في زيّ شاعر ... وقد بخلت شوقا فروع المنابر
كتمت بعيب الشعر حلما وحكمة ... ببعضهما ينقاد صعب المفاخر
أما وأبيك الخير انك فارس ... المقال ومحيي الدارسات الغوابر
وأنك أعييت المسامع والنهى ... بقولك عما في بطون الدفاتر
فهذا من محاسن التجريد ألا ترى أنه أجرى الخطاب على غيره وهو يريد نفسه كي يتمكن من ذكر ما ذكره من الصفات الفائقة وعدّ ما عدّه من الفضائل التائهة، وكل ما يجيء من هذا القبيل فهو التجريد المحض.
وأما القسم الثاني، وهو غير المحض، فإنه خطاب لنفسك لا لغيرك، وبين هذا القسم والذي قبله فرق ظاهر وذاك أولى بأن