للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتساوي السر والجهر بالنسبة إلى علمه تعالى (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الهمزة للاستفهام ولا نافية ويعلم فعل مضارع مرفوع ومن اسم موصول في محل نصب مفعول به والفاعل مستتر يعود على الله تعالى والمعنى أينتفي علمه بمن خلق وهو الذي أحاط بمكنونات الأمور وجليّاتها وأجاز الزمخشري ورجحه الجمل في حاشيته نقلا عن شيخه أبو البقاء وغيرهما أن يكون من فاعل يعلم والمفعول محذوف كأنه قال ألا يعلم الخالق سرّكم وجهركم والاستفهام معناه الإنكار وعبارة الزمخشري: «ويجوز أن يكون من خلق منصوبا بمعنى ألا يعلم مخلوقه وهذه حاله وروي أن المشركين كانوا يتكلمون فيما بينهم بأشياء فيظهر الله رسوله عليها فيقولون أسرّوا قولكم لئلا يسمعه إله محمد، فنبّه الله على جهلهم فإن قلت قدّرت في ألّا يعلم مفعولا على معنى ألا يعلم ذلك المذكور فما أضمر في القلب وأظهر باللسان من خلق فهلّا جعلته مثل قولهم: هو يعطي ويمنع وهلّا كان المعنى ألا يكون عالما من هو خالق لأن الخلق لا يصحّ إلا مع العلم قلت: أبت ذلك الحال التي هي قوله وهو اللطيف الخبير لأنك لو قلت: ألا يكون عالما من هو خالق وهو اللطيف الخبير لم يكن معنى صحيحا لأن ألا يعلم معتمد على الحال والشيء ولا يوقت بنفسه فلا يقال: ألا يعلم وهو عالم ولكن ألا يعلم كذا وهو عالم بكل شيء» . وقد تعقب ابن المنير المالكي الزمخشري وناقشه مناقشة قيّمة قال فيها: «هذه الآية ردّ على المعتزلة وتصحيح للطريق التي يسلكها أهل السنّة في الردّ عليهم فإن أهل السنّة يستدلون على أن العبد لا يخلق أفعاله بأنه لا يعلمها وهو استدلال بنفي اللازم الذي هو العلم على نفي الملزوم الذي هو الخلق وبهذه الملازمة دلّت الآية فإن الله تعالى أرشد إلى الاستدلال على ثبوت العلم له عزّ وجلّ بثبوت الخلق وهو استدلال بوجود الملزوم على وجود اللازم فهو نور واحد يقتبس منه ثبوت العلم للبارىء عزّ وجلّ وإبطال خلق العبد

<<  <  ج: ص:  >  >>